أنفِق... لمــــاذا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله: أَنفق يا بن آدم أُنفق عليك).
أَنفِق... كلمة نورانية قالها الله جل في علاه، وقالها مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يزال صداها بأنفاس النبوة يطرُق أسماعا نِعم الأسماع، ويلامس قلوبا أُريد لها الخير ونفي الضّيْر هنا والآن، ويا سَعدها يوم لقاء ربها الرحيم الرحمان..
أنفِق... كلمة حُقَّ لها أن تسمع بأُذن القلب لا بأُذن القالب.. فإنها تستبطن شفقةً ربانيةً عظيمةً، وترشح منها رحمةٌ إلهيةٌ فخيمَةٌ، المراد بفيضها المُنفِق لا المنفَق عليه، والمُعطي لا المُعطَى له..
يا بن آدم أُنفق عليك.. خطاب إلهي في منتهى اللطف، يحمل من عجيب المنافع؛ ما لا يحيط به إلا علم الله الواسع.
أَنفِق... كلمة تُشعرك وكأنك المالك المتفضِّل؛ وما أنت في الحقيقة إلا مستخلف مُوكَّل، يقول الله جل في عُلاه (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير).
أَنفِق... وهل يمضي معك من المال إلا الذي تنفق، أمَا سمعتَ قول الحبيب المُشفِق (وهل لك يا بن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أوتصدقت فأمضيت).
أَنفِق... قبل أن يأتي يوم تتحسّر فيه ندما لأنك لم تنفق، يقول الله رب العالمين (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين).
أَنفِق... فأنت المستفيد قبل غيرك، أمَا بلغك قول ربك (وما تنفقوا من خير فلأنفسكم).
أَنفِق... جلبا للبركة ومضاعفة الرزق، فما نُمّيَ المال بمِثل الإنفاق في سبيل الربّ المتعال، أو ليس هو من قال (إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم).
أَنفِق... تأمينا للحياتيْن، وتحصينا للنفس من فتن الداريْن فـ (صنائع المعروف تقي مصارع السوء).
أنفِق... تطهيرا للنفس من كل ذنب أخسّ؛ فـ (الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار) كما قال إمام الأبرار.
أنفِق... وسيكون تيسير الله تعالى رفيقا لك في الدُّنيا وفي العُقبى، فقد قال الله العلي الأعلى (فأما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى).
أَنفِق... وما عليك إلا أن تنفق، لترى ثمرة ذلك في إنفاق الله عليك، ألم يَقُل الله (أَنفق يا بن آدم أُنفق عليك).